في زمنٍ كانت فيه الأفكار العظيمة حكرًا على من يملكون المال أو السلطة، جاء العصر الحديث ليقلب الموازين. لم يعد الابتكار محصورًا في أروقة الشركات العملاقة أو مراكز البحوث الحكومية، بل أصبح متاحًا لأي فرد يملك الشغف والجرأة والرؤية. كما يقول المؤلفان: “لم يكن هناك وقت في التاريخ أفضل من هذا الوقت لصنع الفرق.”

هذا التغيير ليس وليد الصدفة، بل هو ثمرة لتسارع التكنولوجيا بطريقة غير مسبوقة. تقنيات كانت قبل عشر سنوات تُعد ضربًا من الخيال، مثل الذكاء الاصطناعي والطباعة ثلاثية الأبعاد، أصبحت اليوم في متناول اليد، بل ويمكن لرواد الأعمال استخدامها لإطلاق مشاريع تغير العالم من زاوية مكتب صغير أو حتى من غرفة النوم.

هذا لا يقتصر على الدول المتقدمة فحسب، بل إن الأمثلة في عالمنا العربي على ذلك كثيرة. حين أنشأ شاب عربي تطبيقًا بسيطًا لحل مشاكل المرور في مدينته، لم يكن يمتلك رأس مال ضخم، بل كان يملك فكرة ملهمة، وحاسوبًا، واتصالًا بالإنترنت. مثل هذا النموذج يُجسد ما سماه الكتاب بـ”ديمقراطية الابتكار” – القدرة التي باتت في يد الأفراد، لا المؤسسات فقط.

يشير المؤلف بيتر ديامانديس، المؤسس المشارك لـ XPRIZE، إلى أن العالم لم يعد بحاجة إلى “ترخيص للابتكار”، فبفضل الإنترنت والأدوات التكنولوجية، أصبح بإمكان أي شخص الوصول إلى المعلومات والتقنيات التي كانت يومًا محجوزة للنخبة.

اليوم، أصبح من الممكن أن تبني شركة عالمية دون الحاجة إلى جيش من الموظفين. فالكتاب يسوق قصة رجل الأعمال “سال خان”، الذي بدأ بتسجيل دروس رياضيات بسيطة لابنة أخته، لينتهي به المطاف مؤسسًا لأكاديمية خان، أحد أكبر منصات التعليم في العالم. لم يكن لديه تمويل أو مؤسسة، بل كان يملك فقط فكرة وحاسوبًا، وهو ما يشبه كثيرًا واقع شبابنا العربي الذين يحلمون بتغيير واقعهم عبر التكنولوجيا.

الابتكار الجريء لم يعد حكرًا على الدول الكبرى أو على أصحاب الثروات الطائلة، بل صار خيارًا مفتوحًا أمام كل من يملك حلمًا… وإرادة.

العقلية الجريئة

في بداية هذا الجزء، يضع المؤلفان حجر الأساس لكل إنجاز استثنائي: العقلية. لا يتعلق الأمر فقط بالمهارات أو المعرفة، بل بكيفية رؤية الإنسان للعالم ولنفسه. فالشخص الجريء لا يُولد بهذه العقلية، بل يصنعها بالتجربة، وبالتمرّد على المألوف، وبالإيمان بأنّ الحدود التي نراها، غالبًا ما تكون وهمًا وضعناه لأنفسنا.

يتحدث الكتاب عن “عقلية التوسع السريع”، وهي القدرة على التفكير بما يتجاوز الخطوات الصغيرة نحو القفزات الكبرى. هذه العقلية تشبه تمامًا من يرفض إصلاح بيت قديم متهالك ليبني بدلاً منه ناطحة سحاب. لا يرضى بالترقيع، بل يسعى لإعادة بناء النموذج بالكامل.

ومن القصص الملهمة التي يوردها الكتاب، قصة “إيلون ماسك”، الذي لم يقف عند حلم بناء سيارة كهربائية، بل أراد إعادة تشكيل مفهوم النقل بالكامل. لم يسأل “هل يمكنني بناء سيارة؟”، بل سأل نفسه “لماذا لا تُصنع سيارات تغير العالم؟” هذه النوعية من الأسئلة الجريئة هي التي تصنع الفارق، لأن من يفكر صغيرًا يظل أسيرًا للصغار، أما من يفكر كبيرًا فقد يخسر أحيانًا، لكنه يغيّر قواعد اللعبة.

نفس الفكرة نجدها في ثقافتنا، في قصة الخليفة عمر بن عبد العزيز حين قال:
“إن لي نفسًا تواقة، ما نالت شيئًا إلا تاقت لما هو أعظم منه.”
وهذا جوهر العقلية الجريئة: التوق إلى ما هو أعظم، وعدم الاكتفاء بالنجاحات الصغيرة.

فالتحديات اليوم أكبر من أي وقت مضى، ولكن الأدوات أيضًا غير مسبوقة. فالإنترنت، والطاقة الشمسية، وتكنولوجيا النانو، لم تعد حكرًا على المختبرات. من يملك الجرأة، يملك الوسيلة، ومن يملك الوسيلة، يستطيع أن يوسّع حدود الممكن.

يقول الكتاب:

“لكي تفكر بشكل جريء، يجب أن تعيد برمجة عقلك على توسيع الطموح، لا تقليص المخاطر.”

هذه العقلية لا تتشكل في لحظة، بل هي نتاج تكرار المحاولات، والتعرض للفشل دون أن يصبح الفشل هو الهوية. يشددان المؤلفان على أن أكثر المبتكرين نجاحًا هم من مرّوا بعدد أكبر من التجارب الفاشلة، لأن كل فشل كان درسًا يقربهم من النجاح الحقيقي.

من يؤمن أن “التفكير الكبير” مجرد خيال، يعيش في قفص من القيود الذاتية. أما من يجرؤ على الحلم، فهو الذي يصنع الفرق.

التقنيات الخارقة

في هذا الجزء، يأخذنا المؤلفان في جولة داخل عالم التكنولوجيا التخريبية، تلك التي لا تكتفي بتحسين الواقع، بل تسعى إلى نسفه وإعادة تشكيله من جديد. الحديث هنا ليس عن تحديث بسيط أو منتج مطوّر، بل عن تقنيات تغيّر قواعد اللعبة تمامًا، وتفتح المجال لفرص كانت في الماضي حكرًا على الحكومات أو الشركات العملاقة.

من أبرز هذه التقنيات: الذكاء الاصطناعي، الطباعة ثلاثية الأبعاد، الروبوتات، البيولوجيا التركيبية، وتقنيات الاستشعار المتقدمة. هذه أدوات حقيقية أصبحت متاحة للجميع تقريبًا، ويمكن لمن يمتلك الشجاعة والبصيرة أن يحوّلها إلى مشاريع عملاقة، حتى لو كانت موارده محدودة.

يتحدث الكتاب عن الطباعة ثلاثية الأبعاد كمثال حي. في الماضي، كان تصنيع قطعة ميكانيكية معقّدة يتطلب مصنعًا وأجهزة باهظة الثمن. اليوم، يمكن لطفل في المرحلة الثانوية أن يطبع مجسّمًا معقدًا باستخدام طابعة صغيرة في غرفته.

“ما كان يتطلب ملايين الدولارات، أصبح الآن ممكنًا بمئات الدولارات”، من قول المؤلفان.

ونرى في العالم العربي تجارب مشابهة، مثل مهندس شاب في تونس استخدم طابعة ثلاثية الأبعاد لتصميم أطراف صناعية بتكلفة زهيدة مقارنة بما توفره المستشفيات. مشروعه لم ينطلق من مؤسسة ضخمة، بل من مرآب بسيط وأمل كبير.

أما الذكاء الاصطناعي، فقد أصبح رفيقًا لا غنى عنه في كل صناعة تقريبًا: الطب، التعليم، الزراعة، وحتى الفنون. الشركات الناشئة أصبحت تستخدمه لتسريع الخدمات، تحسين الإنتاج، وتحليل البيانات بدقة فائقة. يقول المؤلفان: “الذكاء الاصطناعي هو النفط الجديد، لكنّه متاح للجميع، لا تملكه دولة ولا شركة فقط.”

وما يُدهش في هذه التقنيات ليس فقط قوتها، بل سهولة الوصول إليها. الإنترنت أصبح مدرسة مفتوحة. منصة مثل Coursera أو Udacity تُعلّمك الذكاء الاصطناعي من أفضل أساتذة العالم وأنت في بيتك. لم يعد الأمر يتعلّق بالسفر أو المال، بل بالنية والجدية.

الكتاب يسوق مثالًا رائعًا من الهند، حيث استطاع مراهق استخدام تقنيات مفتوحة المصدر لبناء نموذج أولي لقمر صناعي صغير، أطلقه لاحقًا عبر شراكة مع وكالة فضاء.
المغزى هنا واضح: لا تستخف بأحلام الفتيان في الأزقة، فقد يكون بينهم من يخطّط لاختراق الفضاء.

وهذا يرسّخ فكرة جوهرية: إذا امتلكت العقلية الجريئة، فإن التكنولوجيا الخارقة هي جناحك نحو التحليق. وكلما اتسعت الرؤية، صغرت الموارد في عينيك.

القوى الجديدة للتمكين

في زمن مضى، كان على كل رائد أعمال أن يمتلك جيبًا ممتلئًا، شبكة علاقات قوية، وحظًا لا يُستهان به. أما اليوم، فقد ظهرت قوى جديدة تمكّن الأفراد العاديين من إنجاز مشاريع كانت يومًا حكرًا على الكبار. هذه القوى ليست سحرًا، بل أدوات واقعية: الحشود، التمويل الجماعي، والمنصات الرقمية المفتوحة.

في هذا الفصل، يسلط المؤلفان الضوء على التحوّل الكبير الذي أحدثته ثقافة المشاركة. لم يعد الابتكار حكرًا على العقول المعزولة داخل المختبرات، بل أصبح نشاطًا جماعيًا تشاركيًا.

✅ تأثير الحشود

فكر في موقع مثل Wikipedia، كيف نشأت موسوعة تفوق بمحتواها كثيرًا من الموسوعات العالمية؟
الإجابة بسيطة: بفضل ملايين المتطوعين الذين يشاركون بمعرفتهم.
نفس المبدأ يستخدمه رواد الأعمال الآن: يسألون الناس، يطلبون مساعدتهم، ويستفيدون من ذكائهم الجماعي.

في عالمنا، يمكن أن نرى نماذج مشابهة، مثل حملات الترجمة الجماعية للمحتوى العلمي، أو منصات تطوعية مثل “مستقل” و”خمسات”، حيث يمكن جمع فريق كامل من مصممين ومبرمجين ومترجمين لتنفيذ فكرة واحدة بدون الحاجة إلى توظيف تقليدي.

✅ التمويل الجماعي

لعل أحد أعظم التحديات أمام أي مبتكر هو المال. لكن مع ظهور منصات مثل Kickstarter وIndiegogo، لم يعد التمويل عائقًا.
أصبح بإمكانك عرض فكرتك مباشرة على الجمهور، وإذا آمنوا بها، سيمولونك بأنفسهم.

ومن القصص الملهمة التي يعرضها الكتاب: مشروع Oculus Rift – نظارات الواقع الافتراضي. بدأ كمشروع بسيط على منصة تمويل جماعي، وانتهى إلى أن اشترته شركة فيسبوك بمليارات الدولارات.

✅ المجتمعات الرقمية والمنصات المفتوحة

يؤكدان المؤلفان أن المنصات الرقمية مثل GitHub، وReddit، وStack Overflow قد أصبحت مختبرات مفتوحة، يشارك فيها المبرمجون والمهندسون والمصممون، يتبادلون فيها الحلول والخبرات، ويطوّرون مشاريعهم عبر “قوة المشاركة”.

اليوم، شاب في عمّان، أو طالبة في الرباط، يمكنهما تطوير برمجية جديدة، والحصول على تعليقات من مهندسين في وادي السيليكون خلال ساعات. لم يعد الجغرافيا قيدًا، بل أصبح الإنترنت هو الوطن المشترك للمبتكرين.

في المحصلة:
إذا كنت صاحب فكرة، لا تنتظر مباركة أصحاب النفوذ. استخدم الحشد، تحدث مع الناس، اجمع تمويلك، وابدأ. فاليوم، من يملك الشغف يملك الوسيلة.

كيف تبني شركة جريئة؟

النجاح في عصرنا لا يعني فقط إطلاق مشروع مبتكر، بل بناء شركة قادرة على النمو السريع والتوسع الهائل. في هذا الجزء، يوضح ديامانديس وكوتلر كيف تنتقل الفكرة من مجرد شرارة إلى نار تضيء العالم، مستندين إلى نماذج حقيقية مثل Google وSpaceX، لتقديم خريطة ذهنية لبناء شركة “جريئة”.

عقلية النمو المتسارع

السر لا يكمن في امتلاك كل شيء منذ البداية، بل في تبنّي عقلية تعتمد على الابتكار المستمر، واتخاذ قرارات جريئة، والاعتماد على التكنولوجيا لتوسيع التأثير.

يقول الكتاب: “الشركات الجريئة لا تنمو بنسبة 10%، بل تفكر في النمو بمعدل 10 أضعاف.”

هذه ليست مبالغة، بل استراتيجية. اسأل Google، التي بدأت كمحرك بحث بسيط، ثم غزت البريد، الخرائط، أنظمة التشغيل، الذكاء الاصطناعي، والآن حتى القيادة الذاتية!

العبرة ليست فقط في الرؤية الكبيرة، بل في طريقة التنفيذ. وهنا يظهر مفهوم “المنظمات ذات النمو الأُسّي”، وهي التي تتبنى تقنيات خارقة منذ البداية، وتُبني بطريقة مرنة، مرعبة في سرعتها.

ثلاثي النجاح: المهمة – الفريق – التكنولوجيا

كل شركة جريئة تبدأ بثلاثية ذهبية:

  1. مهمة عظيمة: مثل Google التي تقول “تنظيم المعلومات حول العالم”، أو SpaceX التي تطمح إلى استعمار المريخ.
  2. فريق مؤمن بالمستحيل: أفراد يعملون بروح “نحن سنفعلها مهما كانت الصعاب”.
  3. تكنولوجيا قابلة للانفجار: مثل الذكاء الاصطناعي أو الطباعة ثلاثية الأبعاد أو علم البيانات.

في عالمنا العربي، رأينا بوادر هذا الفكر في شركات مثل “كريم”، التي بدأت كخدمة نقل بسيطة، وتحولت بسرعة إلى نموذج عمل مستدام، ما دفع Uber لشرائها بمليارات.

“عندما تبني شركة جريئة، لا تبيع منتجًا فقط، بل تبيع حلمًا”، قول المؤلفان.

الدروس من الكبار: Google وSpaceX

Google: لم تبدأ كعملاق، بل كمشروع جامعي. ولكن قوتها كانت في قدرتها على توظيف أفضل العقول، وإطلاق مشاريع داخلية تشجع الموظفين على التفكير خارج الصندوق. خصصت وقتًا يُعرف بـ”20%” حيث يمكن لأي موظف العمل على مشروع جانبي – ومن هذه الفكرة وُلد Gmail وGoogle Maps.

SpaceX: قد تكون القصة الأكثر جنونًا في تاريخ ريادة الأعمال. رجل واحد، إيلون ماسك، يقرر تحدي أكبر صناعة احتكارية في العالم: الفضاء. يبني صواريخ قابلة لإعادة الاستخدام، ويُقلّص تكاليف الإطلاق بنسبة تفوق 80%، ويضع أمريكا من جديد في سباق الفضاء.
في لحظة، كادت شركته تفلس، لكنه راهن بكل ما يملك. النتيجة؟ نجاح تام، وثورة تكنولوجية غيرت معايير الصناعة.

هنا يظهر أحد أهم الدروس في الكتاب: “الفشل ليس نهاية الطريق، بل شرط من شروط الابتكار.”

ثقافة السرعة والتجريب

الشركات الجريئة لا تنتظر الكمال، بل تتحرك بسرعة، وتطلق نماذج تجريبية، وتتعلم من ردود الفعل. كما يقولون في وادي السيليكون:

“أطلق منتجك حتى لو كان نصف جاهز، ودعه يتطوّر مع المستخدم.”

في مجتمعاتنا العربية، نحتاج إلى تحرير أنفسنا من الخوف من الفشل، وأن ندرك أن السرعة مع التعلم أفضل من الانتظار للكمال.

الاستفادة من العقول الخارقة – المرحلة القادمة من الابتكار

في عالم يتغير بسرعة، لم تعد القوة الحقيقية في العضلات أو رأس المال، بل في العقل الجريء. هذا الجزء من الكتاب يأخذنا في رحلة إلى المستقبل، حيث الذكاء البشري لم يعد وحيدًا في الميدان، بل أصبح محاطًا بمجموعة من الأدوات والتقنيات التي تضاعف قدراته، وتحوّل الفرد إلى ما يشبه “العقل الخارق“.

يقول المؤلفان: “أكبر اختراع في هذا القرن ليس الذكاء الاصطناعي، بل الشراكة بين الإنسان والآلة.”

الذكاء الاصطناعي: حليف لا منافس

الكتاب لا ينظر إلى الذكاء الاصطناعي (AI) كتهديد، بل كأداة تمكّن الفرد العادي من إنجاز ما كان يتطلب سابقًا فريقًا من الخبراء. مثلاً، منصة مثل ChatGPT – التي نستخدمها الآن – تتيح لأي شخص تحليل نصوص، إنشاء محتوى، برمجة، أو حتى فهم سوق معقّد خلال دقائق.

يقول الكتاب:

“من يستخدم الذكاء الاصطناعي سيتفوق، ومن يرفضه سيُستبدل.”

واجهات الدماغ – الحاسوب (BCI): حين يفكر العقل… فتعمل الآلة

يتحدث الكتاب عن مشروعات خيالية، لكنها حقيقية، مثل مشروع Neuralink لإيلون ماسك، والذي يسعى لربط الدماغ البشري مباشرة بالحاسوب.
هذا لا يعني أننا سنصبح روبوتات، بل أن أفكارنا ستنتقل إلى الواقع بدون وسيط. “تخيل أن تفكر في فكرة تصميم، وتُرسم مباشرة على الشاشة.”

قد يبدو ذلك خيالًا علميًا، لكنه في طريقه إلى التحقق. ومن هذا المنظور، فإن الحدود التقليدية بين التفكير والتنفيذ بدأت تتلاشى.

أدوات مضاعفة القدرات البشرية

المؤلفان يضعان قائمة من الأدوات التي ترفع من قدرة العقل البشري على الابتكار، منها:

  • الواقع الافتراضي (VR) والمعزز (AR) – لتجربة الأفكار قبل تنفيذها.
  • الحوسبة السحابية – للوصول إلى قوة معالجة هائلة دون الحاجة لشراء أجهزة.
  • أدوات التعليم الذاتي – مثل Coursera، Udemy، Khan Academy، حيث يمكن لأي شخص أن يتعلم علومًا معقدة دون الذهاب إلى جامعة.

الرسالة هنا واضحة:
“أنت لا تحتاج إلى شهادة، تحتاج إلى شغف ووصلة إنترنت.”

التحوّل من ذكاء فردي إلى ذكاء جماعي

اليوم، الرأي ليس فرديًا فقط، بل جماعي. المجتمعات الرقمية تُنتج أفكارًا، تصحّح الأخطاء، وتخلق سُبلًا للتعلم لا يمكن لفرد وحده أن يصوغها.

وفي هذا الإطار، يشير الكتاب إلى أن أقوى العقول ليست دائمًا تلك التي تبتكر بمفردها، بل تلك التي تعرف كيف تتصل بالآخرين، وتتعاون، وتبني على أفكار غيرها.

“من يدمج شغفه بالابتكار مع أدوات العقول الخارقة، لن يقود فقط السوق… بل سيصنعه.”

كن جريئًا – خطوات عملية لتحويل فكرتك إلى ثورة

هذا الجزء هو خلاصة التجربة، الدليل الميداني لمن أراد أن ينتقل من مرحلة الفكرة إلى مرحلة التنفيذ والتأثير. بيتر ديامانديس وستيفن كوتلر لا يكتفيان بالإلهام، بل يضعان أمامك خارطة طريق عملية تبدأ من الفكرة الصغيرة، لتتحول إلى مشروع يحدث تغييرًا في العالم.

ففي أحد اقتباسات الكتاب يقول: “الابتكار لا يحتاج إلى إذن، بل إلى نية وشجاعة.”

أولاً: حدّد هدفك الجريء الضخم

الانطلاقة تبدأ من الغاية. وليس أي غاية… بل غاية ضخمة، عميقة، وقادرة على تحريكك في كل صباح. الهدف الجريء الضخم هو ما يدفعك للعمل رغم الفشل، والرفض، والتحديات.

في عالمنا، نرى أمثلة لرواد أعمال تبنّوا مثل هذه الغايات. أحدهم أراد تحسين فرص التعليم في القرى النائية، وآخر سعى لتطوير حلول رقمية لتوصيل المياه والطاقة في مناطق نائية. الغاية هي المحرّك.

لذا اسأل نفسك:
ما هو التغيير الذي لو تحقق، لتغيّر العالم كما أعرفه؟
لا تنتظر إذنًا، فقط ابدأ بوضع رؤيتك بوضوح.

ثانيًا: استخدم أدوات هذا العصر

الكتاب يصر على أنك لست وحدك. العالم الرقمي يقدم لك موارد كانت قبل عقود حكرًا على الحكومات والشركات العملاقة:

  • منصات التمويل الجماعي (مثل Kickstarter وIndiegogo): لتمويل فكرتك دون الحاجة للبنوك.
  • البرمجيات مفتوحة المصدر: لتطوير تطبيقات ومنتجات بكفاءة.
  • منصات التعليم: لتعلم أي مهارة جديدة مجانًا أو بتكلفة رمزية.
  • الذكاء الاصطناعي: لتسريع الأبحاث والاختبارات والتصميم وحتى إدارة المشروع.

مثلًا، رائد أعمال شاب من المغرب استخدم الذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة العملاء في تطبيق لخدمات التوصيل، ووصل بفكرته إلى استثمارات دولية.
القصة؟ لم يكن خبيرًا بالتقنية، لكنه كان جريئًا بما يكفي ليبدأ ويتعلم.

ثالثًا: فكّر على نطاق إكسبونينشيال

لا تفكّر في تحسين 10%. فكّر في تغيير 10 أضعاف. هذه هي “عقلية الوفرة” التي يروّج لها ديامانديس: “التحسين التدريجي هو الطريق البطيء. كن من يصنع القفزة.”

في بلداننا العربية، لا نحتاج إلى عشرات الأفكار البسيطة، بل إلى أفكار جريئة تحل مشكلات مزمنة بأسلوب غير تقليدي:
– الزراعة الذكية لحل مشكلة الجفاف.
– التعليم الإلكتروني لإيصال المعرفة إلى كل بيت.
– الطاقة النظيفة في القرى بدل الاعتماد على الشبكات المركزية.

رابعًا: كوّن فريقًا من الحالمين والمتمردين

لا يمكنك تغيير العالم وحدك. ابحث عن شغوفين، لا فقط عن محترفين. ابنِ حول فكرتك مجتمعًا صغيرًا من المؤمنين بها، وستكبر تلقائيًا. فالفرق التي يغيّر العالم لا يتكون من المتفوقين أكاديميًا فقط، بل من أولئك الذين يرون الأمور بشكل مختلف.

خامسًا: تحمّل الفشل… بل عش معه

الجرأة لا تعني النجاح من أول مرة. بل تعني أنك مستعد للفشل، والتعلم، والمحاولة مجددًا.
الفشل ليس عيبًا. وكما يقول المثل: “من لم يذق مر التعلم ساعة، تجرّع ذل الجهل طول حياته.”

بإختصار

إذا كنت تملك فكرة، وكنت جريئًا بما يكفي لتتحرك نحوها، فالعالم الآن مجهّز ليساعدك، لا ليعيقك.
لكن المفتاح الأول هو “الجرأة”.
ابدأ الآن، ولا تنتظر المسارات الرسمية. تحرّك، جرّب، تواصل، اختبر، صحّح، استمر.

“العالم لا يكافئ من يحلم فقط، بل من يجرؤ على أن يحوّل الحلم إلى واقع.”

ختاما – المستقبل ملك للجرأة

في نهاية هذا العمل العميق، لا يقدّم لنا بيتر ديامانديس وستيفن كوتلر مجرد كتاب عن ريادة الأعمال، بل مانيفستو (بيانًا) للعصر القادم… عصر لا ينتصر فيه الأقوى أو الأغنى، بل من يملك الشجاعة الكافية ليحلم، ويتحرك، ويتحمّل المخاطرة.

لذا أصبحت اليوم التقنيات الخارقة متاحة بين أيدي الجميع. لم يعد الابتكار حكرًا على العلماء أو أصحاب رؤوس الأموال فقط، بل أصبح ممكنًا أيضًا للمراهق في غرفته، وللأم التي تدير مشروعًا من مطبخها، وللشاب العربي الذي يواجه التحديات اليومية بعقلية مبتكرة وروح لا تعرف المستحيل.

دعوة مفتوحة…

ختامًا، كتاب العقلية الجريئة هو نداء لكل من يشعر في قلبه بشرارة مختلفة، لفكرة غير مألوفة، لحلم يبدو بعيد المنال.
سواء كنت في حي بسيط، أو مدينة مزدحمة، أو قرية نائية… إن كنت تملك فكرة جريئة، فالوقت لم يكن يومًا أنسب من الآن لتبدأ.

“الجريئون لا يسألون إن كان بإمكانهم… بل يسألون: لماذا لم أفعلها بعد؟”

Click to rate this post!
[Total: 0 Average: 0]