في عالم يتغير بسرعة، لم تعد القدرة على الابتكار ترفًا أو حكرًا على العباقرة، بل أصبحت مهارة أساسية لمن يريد أن يترك أثرًا. هذا ما يطرحه كتاب “الحمض النووي للمبتكر”، حيث يؤكد مؤلفوه جيفري داير، هال جريجرسن، وكلايتون كريستنسن — أن الابتكار ليس هبة يولد بها البعض، بل هو نتيجة لمجموعة من العادات الذهنية والسلوكيات القابلة للتعلّم.

كما يقول المثل العربي: “كل وعاء ينضح بما فيه”. فإذا امتلأ العقل بالفضول والملاحظة والأسئلة الذكية، فلا عجب أن تفيض منه الأفكار الجديدة. والكتاب لا يكتفي بنظريات عابرة، بل يستند إلى دراسة استمرت ثماني سنوات، شملت أكثر من 500 مبتكر معروف وشركات ريادية أحدثت ثورات في صناعاتها، من أمثال ستيف جوبز مؤسس “أبل”، وجيف بيزوس من “أمازون”، وسيرجي برين من “غوغل”.

لكن الأهم من الأسماء هو ما جمع هؤلاء جميعًا: طريقة تفكير واحدة تقريبًا، مبنية على الفضول، والتجريب، والربط بين الأفكار المتناثرة. كان كل واحد منهم يعيش بعقلية لا تقبل الواقع كما هو، بل تبحث دائمًا عمّا يمكن أن يكون.

الكتاب يشبه خريطة جينية للمبدعين، يفكك لنا الـDNA الخاص بالعقول الابتكارية. لا بالاعتماد على الحدس، بل عبر تحليل سلوكيات واضحة يمكن لأي شخص أن يكتسبها. تمامًا كما يتعلم الإنسان ركوب الدراجة، يمكنه كذلك أن يتعلم كيف يصبح مبتكرًا، إذا اتبع نفس “الحمض العقلي” الذي اعتمد عليه أعظم المخترعين ورواد الأعمال في التاريخ الحديث.

في ثقافتنا العربية، كم من فكرة دُفنت لأنها لم تجد بيئة تسمح لها بالنمو؟ وكم من شاب عربي ذكي طمره الواقع لأنه ظن أن الابتكار “كاريزما” لا يمتلكها؟ هذا الكتاب يكسر هذه الأوهام، ويعيد تعريف المبدع على أنه الشخص الذي يدرب نفسه على رؤية ما لا يراه الآخرون.

الابتكار ليس موهبة… بل مهارة

من أولى الصفحات، يفاجئك الكتاب بحقيقة تنسف ما ترسّخ في الأذهان: المبدع لا يُولد مبدعًا، بل يُصبح كذلك. الابتكار، كما يصفه المؤلفون، ليس قدرًا وراثيًا محفوظًا لقلة مختارة، بل سلوك يُكتسب ومهارة تُنمّى بالممارسة والتدريب.

الكاتب كلايتون كريستنسن، صاحب نظرية “الابتكار المزعزع“، يوضح أن أغلب القادة الذين أحدثوا تغييرات كبرى لم يكونوا عباقرة في طفولتهم، ولا كانوا الأوائل على صفوفهم. بل ما ميزهم هو فضول لا يهدأ، وشجاعة في كسر المألوف. “الفرق بين المبتكر والتابع”، كما يقول توماس إديسون، “هو في الجرأة على المحاولة.”

يسوق الكتاب مثالًا بارزًا: جيف بيزوس، مؤسس “أمازون“. لم يكن عالم كمبيوتر خارقًا، بل رجل أعمال بدأ من مرآب بيته، لكنه كان يسأل بلا كلل: “لماذا لا نبيع الكتب عبر الإنترنت؟ ولماذا لا نبيع كل شيء بعد ذلك؟” هذه الأسئلة البسيطة، هي ما حوّلت فكرته إلى إمبراطورية.

الأمر ذاته ينطبق على ستيف جوبز، الذي لم يكن مبرمجًا ولا مهندسًا. لكنه كان يعرف كيف يربط بين الفن والتكنولوجيا، بين البساطة والإبداع، وبين التصميم والاحتياج. لم يكن ذلك سحرًا، بل ناتجًا عن عقلية ترى في كل تفصيلة فرصة لإعادة الاختراع.

في ثقافتنا، يُقال: “العقل زينة، والذكي من يطوّع فكره.” وهذا بالضبط جوهر الفكرة هنا. العقل المبدع لا يُقاس بدرجاته العلمية، بل بقدرته على طرح الأسئلة، وكسر القواعد، والتفكير خارج النمط المألوف.

الكتاب يضع القارئ أمام مسؤولية شخصية: إذا أردت أن تكون مبتكرًا، فعليك أن تتدرب على طريقة تفكير المبدعين. ليس الأمر متعلقًا بالحظ، بل بالنية والاستعداد، وبالبيئة التي تغذي عقلك لا تلك التي تطفئه.

وهنا تكمن قوة: الابتكار ليس ضربة حظ، ولا مجرد فكرة عابرة، بل مهارة يومية تُبنى مع الوقت. تبدأ بسؤال مختلف، أو مراقبة عميقة، أو تجربة صغيرة قد تفتح أبوابًا كبيرة.

خمس عادات تميز العقول المبدعة

الابتكار لا ينبع من فراغ، بل من ممارسة يومية لمجموعة من العادات الذهنية والسلوكية التي تشكل جوهر “الحمض العقلي” للمبتكر، أو ما يسميه المؤلفون “Innovator’s DNA”. وقد حدد الكتاب خمس عادات رئيسية، لاحظها المؤلفون لدى الرواد الذين غيّروا وجه العالم، من شركات التكنولوجيا إلى الصناعات الثقيلة.

هذه العادات الخمس ليست نظريات معقدة، بل ممارسات يمكن لكل شخص أن يدمجها في حياته اليومية، لتصبح أداة تشغيل مستمرة للإبداع.

1. طرح الأسئلة الجذرية

المبدع لا يكتفي بقبول الأمور كما هي، بل يسأل: لماذا؟ ماذا لو؟ كيف يمكن؟ هذه الأسئلة هي البذور التي تنمو منها الأفكار الجديدة. مثلًا، حين سأل محمد يونس في بنغلادش: “لماذا لا يحصل الفقراء على قروض صغيرة لتغيير حياتهم؟”، وُلدت فكرة التمويل الصغير، التي ألهمت آلاف المشاريع في الوطن العربي لاحقًا، من تمويل النساء الريفيات في المغرب إلى المشاريع الصغيرة في الأردن.

يذكر الكتاب أن ستيف جوبز كان يسأل باستمرار: “لماذا تبدو الحواسيب قبيحة؟ لماذا لا تكون جميلة وسهلة الاستعمال؟” هذا السؤال وحده كان كافيًا لإطلاق ثورة في التصميم التكنولوجي.

2. الملاحظة الدقيقة

العقول المبدعة تلاحظ ما لا يلاحظه الآخرون. يرون التفاصيل، التكرار، نقاط الألم، الفرص الضائعة. مثل التاجر العربي الذي يعرف من عيون الزبون هل هو عازم على الشراء أم لا، فالمبدع يلتقط إشارات خفية لا ينتبه لها غيره.

يحكي الكتاب عن هوارد شولتز، الذي لاحظ كيف أن المقاهي الإيطالية لم تكن مجرد أماكن لشرب القهوة، بل فضاءات اجتماعية. ومن هذه الملاحظة انطلقت فكرة “ستاربكس”.

3. التجربة المستمرة

الابتكار لا ينمو في العقول المغلقة بل في العقول التي تجرب، وتفشل، ثم تعيد المحاولة.

العقل المبدع لا يهاب التجربة، بل يعتبر الفشل جزءًا من الطريق. تمامًا مثل الطفل الذي يتعلم المشي. ففي الكتاب، يُذكر أن توماس إديسون جرب أكثر من ألف نوع من المواد قبل أن يخترع المصباح الكهربائي، وكان يقول: “أنا لم أفشل، بل وجدت ألف طريقة لا تعمل.”

4. بناء شبكات متنوعة

العقل المبدع لا يعيش في فقاعة. بل يربط نفسه بآخرين من خلفيات مختلفة، ثقافات متنوعة، أفكار متباينة. لأن التنوع هو وقود للإبداع.

يشيرون المؤلفون إلى أن كثيرًا من الابتكارات ولدت من تفاعل أشخاص من تخصصات مختلفة. كما في حكاية تطبيق “إير بي إن بي“، حيث اجتمع مصمم وصاحب خبرة في الحجز الفندقي ورائد أعمال، فكانت النتيجة ثورة في مجال الضيافة.

وفي عالمنا، لطالما قيل: “الرجل بلا أصحاب كالشجرة بلا جذور.” الشبكات الاجتماعية الواسعة تمنح المبتكر منظورًا أوسع من محيطه الضيق.

5. الربط بين الأفكار المتفرقة

وهنا تكمن القوة الحقيقية. المبتكر يرى العلاقة بين أشياء لا يبدو بينها رابط، لكنه يخلق هذا الرابط. يرى أن فكرة من عالم الفن يمكن أن تطبَّق في التقنية، أو أن حلًّا بيئيًا يصلح للتعليم.

يروي الكتاب كيف استلهم ستيف جوبز فكرة تصميم أبل من دورة خط عربي كان قد حضرها في الجامعة – نعم، الخط العربي! الربط بين الجمال والدقة، بين الوظيفة والشكل، صنع منه أسطورة في عالم التصميم.

هذه العادات الخمس ليست مهارات نظرية، بل أدوات عملية يمكن تدريب النفس عليها. وكما تُصقل السيوف بالحدادة، تصقل العقول بالتكرار والملاحظة والتجريب والتنوع. لا وصفة سحرية، بل التزام يومي بأن تفكر بطريقة مختلفة.

كيف تربط الأفكار لتصنع الجديد؟

من أسرار العقول المبدعة أنها لا تخترع من العدم، بل تلتقط أفكارًا متفرقة من أماكن شتى وتجمعها بأسلوب جديد ومفاجئ. هذا ما يسميه الكتاب بـ الربط الإبداعي، وهي القدرة على مزج عناصر تبدو لا علاقة لها ببعض لتشكيل فكرة مبتكرة تمامًا.

مثلما يُقال في ثقافتنا: “الفهيم من يجمّع الحروف ويكوّن الكلام.” المبتكر لا يضيف حجرًا واحدًا، بل يخلق بناءً كاملًا من مواد تبدو غير متجانسة.

الربط ليس مصادفة… بل عادة

الكتاب يؤكد أن القدرة على الربط ليست هبة تأتي في لحظة إلهام، بل نتيجة فضول دائم، واحتكاك بتجارب متنوعة، وتغذية مستمرة للعقل. كلما وسّعت دائرة معرفتك، زادت فرصك في إيجاد روابط غير متوقعة. يشبه الأمر لعبة تركيب الصور “البازل“؛ كلما جمعت قطعًا أكثر، أصبحت الصورة أوضح وأغنى.

أحد الأمثلة اللافتة في الكتاب هو ستيف جوبز – نعم، مرة أخرى، لأنه النموذج الأكثر شهرة. جوبز التحق في شبابه بدورة خط عربي في الجامعة، رغم أنها لم تكن ضمن تخصصه. لاحقًا، وعند تصميم واجهات نظام ماكنتوش، ألهمه هذا الخط ليجعل الحروف أنيقة وسلسة، وقال:

لو لم أكن التحقت بتلك الدورة، لما كان هناك خط جميل في الحاسوب.

ربطٌ بسيط… لكنه غيّر شكل العالم الرقمي!

الفن، التكنولوجيا، الثقافة… كلها أدوات ربط

يشير الكتاب إلى أن بعض أهم الابتكارات وُلدت حين قام أشخاص بربط ما هو علمي بما هو إنساني. فكر في تطبيقات مثل “Duolingo“، التي تجمع بين التعلم واللعب، أو “Uber” التي دمجت التقنية مع فكرة بسيطة: لماذا لا أشارك سيارتي مع آخرين مقابل أجر؟

حتى في العالم العربي، نرى هذا النمط من الربط. مثلاً، تطبيق “كريم” انطلق بفكرة بسيطة مستوحاة من “أوبر”، لكنه أعاد تصميم التجربة بما يناسب ثقافة المنطقة: طرق دفع مرنة، سائقون محليون، ودعم للغة العربية.

كيف تبني عادة الربط؟

الكتاب لا يكتفي بالتحليل، بل يقدم أدوات عملية. من أبرزها:

  1. احتك بأشخاص خارج مجالك.
    المبتكر لا يختلط فقط بمن يفكر مثله، بل بمن يفكر بطريقة مختلفة. المحاسب يمكنه تعلم من الرسّام، والمعلم من الطاهي.
  2. اقرأ في مجالات متنوعة.
    لا تكتفِ بتخصصك. اقرأ في الأدب، التاريخ، الفلسفة، حتى لو كنت مهندسًا. فكل فكرة تقرأها، هي مادة خام للربط المستقبلي.
  3. دَوِّن أفكارك بلا حكم.
    الكاتب ينصح بما يشبه “يومية الأفكار”، حيث تكتب كل شيء يخطر لك دون فلترة. يومًا ما، قد تربط فكرة من الأمس بفكرة من الغد وتكتشف كنزًا.

في النهاية، الربط بين الأفكار هو بمثابة حرفة عقلية. ومن يُتقنها، يمكنه أن يرى العلاقات التي يعجز عنها الآخرون. كما قال أحد المفكرين: “المبتكر لا يرى الأشياء كما هي، بل كما يمكن أن تكون.”

الشركات المبدعة لا تولد صدفة

الإبداع في الشركات لا يُزرع كبذرة في يوم ويُقطف في الغد، ولا هو نتيجة عبقرية فردية خارقة فقط. بل هو في الغالب ثمرة ثقافة داخلية واعية، تُصنع وتصقل وتُغذّى يومًا بعد يوم. فكما أن الطفل الذي ينشأ في بيت يقدّر العلم يصبح أكثر ميلًا للتعلم، كذلك الموظف الذي يعمل في بيئة تشجّع على طرح الأفكار والتجريب والمجازفة يصبح أكثر قابلية للإبداع.

يوضح الكتاب أن الشركات التي أصبحت رموزًا في الابتكار – مثل Apple، Google، Amazon – لم تترك الأمور للمصادفة. بل بنت بنية تحتية نفسية ومؤسسية تعزز “الحمض النووي الجمعي للمبتكرين“.

ثقافة الإبداع تبدأ من القمة

يؤكد المؤلفون أن القادة في الشركات المبدعة لا يكتفون بالتنظير عن الابتكار، بل يمارسونه بأنفسهم. هم يسألون، يراقبون، يجربون، ويتواصلون مع من هم خارج دائرتهم.

خذ مثلاً جيف بيزوس، مؤسس أمازون، الذي كان يدفع موظفيه دومًا للتفكير بعيدًا عن المألوف. إحدى القواعد التي فرضها كانت: “كل فكرة تبدأ من العميل، وليست من داخل الشركة.

بمعنى: لا تفكّر من زاوية ما تستطيع الشركة فعله، بل من زاوية ما يحتاجه العميل فعلاً.

أدوات الشركات المبدعة

يرصد الكتاب مجموعة من “آليات التغذية الإبداعية” التي تستخدمها الشركات الناجحة، منها:

  1. مساحة للتجريب الآمن:
    في جوجل، يُسمح للموظف باستخدام 20% من وقته للعمل على مشاريعه الخاصة. وبهذه السياسة خرجت خدمات مثل Gmail وGoogle News. إنها طريقة ذكية لقول: “جرب دون خوف.”
  2. مكافأة الفشل الذكي:
    بعض الشركات لا تعاقب على الفشل، بل تحتفل به حين يكون نتيجة لمحاولة ذكية. كما في المثال الشهير عن شركة “فليكر” التي بدأت كتطبيق ألعاب، لكن مؤسسيها اكتشفوا أن الناس يهتمون أكثر بمشاركة الصور… فحوّلوا الفكرة بالكامل.
  3. تنوع الفرق:
    الفرق التي تجمع أشخاصًا من خلفيات وتجارب متباينة تكون أكثر إبداعًا. هذا التنوع يشعل الشرارة التي تولد الفكرة غير المتوقعة.

ما الذي يقتل الابتكار؟

كما أن هناك بيئة تنمّي، فهناك بيئات “تخنق” الإبداع. ومن أكثر ما يعيق نمو الابتكار:

  • الخوف من الخطأ أو العقوبة
  • البيروقراطية الزائدة
  • إغلاق الأبواب أمام الأفكار الجديدة
  • سيطرة “الخبراء” الذين يظنون أنهم يعرفون كل شيء

في بعض الشركات، يُقال عندنا: “الكلمة الأخيرة للمدير، حتى لو كانت خطأ.” وهذه وصفة أكيدة لتدمير أي روح ابتكارية.

الشركات المبدعة لا تولد من فراغ. هي تُبنى بقيم يومية، بخيارات قيادية، بتمكين الأفراد، وباحترام الفكرة، حتى لو بدت مجنونة في البداية. وكما يقول الكتاب:

الفرق بين شركة مبدعة وشركة عادية ليس في المال أو التكنولوجيا، بل في الجرأة على التفكير المختلف.

اصنع بيئتك الخاصة للابتكار

الابتكار لا يحتاج فقط إلى فكرة عبقرية أو فريق عمل موهوب. إنه نتيجة بيئة خصبة تغذي التجريب وتكافئ الفضول وتحتضن الفشل البنّاء. كما يقول المثل: “من زرع حصد، ومن هيّأ الأرض أخرجت ثمرها.” فالبيئة التي تحيط بالمبتكر قد تكون الدافع الأكبر لاختراعات عظيمة، أو السبب في إجهاضها قبل أن ترى النور.

الكتاب لا يتعامل مع البيئة كمكان مادي فقط، بل كمجموعة من العادات، القيم، والعلاقات التي تحيط بك وتؤثر في طريقة تفكيرك وتصرفاتك.

البيئة ليست حظًا… بل تصميمًا واعيًا

المبتكر الحقيقي لا ينتظر أن تهبّ عليه ريح الظروف المناسبة، بل يصنع لنفسه مناخًا يشجعه على الإبداع. سواء كان داخل شركة، أو يعمل بمفرده، هناك عدة مكونات يجب أن يزرعها:

  1. المحفزات البصرية والمعرفية
    خصص لنفسك مساحة تحفز تفكيرك: كتب، أدوات، صور، كلمات تلهمك. كل ما يُذكّرك بأنك في رحلة اكتشاف.
  2. الناس من حولك
    كما يقول العرب: “الصاحب ساحب.” اختر من يحيط بك بحذر. تواصل مع الفضوليين، المحللين، المبدعين. البيئة البشرية من أقوى المحفزات الذهنية.
  3. روتينك اليومي
    هل تترك مساحة للتأمل؟ هل تكتب أفكارك؟ هل تسمح لنفسك بتجارب خارج المألوف؟ هذه العادات تصنع بيئة داخلية مهيأة للابتكار، حتى وسط الفوضى.

مثال واقعي: كيف صُممت بيئات الإبداع

يستعرض الكتاب كيف أن بعض أكثر بيئات الابتكار في العالم كانت مقصودة التصميم. على سبيل المثال، مكاتب IDEO، الشركة الرائدة في التصميم والإبداع، مليئة بالألوان، الألعاب، المساحات المفتوحة… ليس عبثًا، بل لأنهم يؤمنون أن المكان يؤثر في النفسية، والنفسية تؤثر في الإنتاج الفكري.

بل إن هناك دراسات علمية أوردها الكتاب تُظهر أن العمل في بيئة مرنة ومتنوعة بصريًا يزيد احتمالية إنتاج أفكار مبتكرة بنسبة 30% على الأقل.

البيئة الذهنية أيضًا جزء من اللعبة

يشير الكاتب إلى أمر مهم جدًا: حتى لو كانت بيئتك المادية محدودة، يبقى الأهم هو البيئة الذهنية التي تخلقها داخلك.

هل تسمح لنفسك بالتفكير المختلف؟ هل تؤمن أن الخطأ طريق للتعلم؟ هل تطارد فضولك حتى لو بدا تافهًا؟ هذه البيئة الذهنية هي أساس الابتكار.

تمامًا كما قال أحد المخترعين العرب: “كنت أعيش في بيئة فقيرة، لكن عقلي كان غنيًا بالسؤال.

في النهاية، أنت المسؤول عن بناء بيئة تدفعك للأمام. لا تنتظر المكان المثالي أو الفريق الكامل أو الفرصة الذهبية. اصنع من حولك ما تحتاجه، وافتح نوافذ عقلك لتدخل منها نسائم الأفكار.

خطوتك الأولى لتصبح مبتكرًا

كل رحلة عظيمة تبدأ بخطوة… لكن في درب الابتكار، الخطوة الأولى ليست بالضرورة اختراع شيء جديد، بل أن تغيّر نظرتك للعالم من حولك. أن ترى الأمور بعين المتسائل لا بعين المُسلِّم، أن ترفض الركود وتبحث دائمًا عن “هل هناك طريقة أفضل؟”.

يؤكد الكاتب أن الابتكار ليس موهبة فطرية محفوظة لقلة من الناس، بل مهارة يمكن أن تبدأ اليوم في بنائها، حتى من أبسط مكان وأقل الإمكانيات.

أعد اكتشاف العالم من حولك

الخطوة الأولى تبدأ بفضولك.
أسأل، راقب، اربط بين أشياء لا يربط بينها أحد.

 لا تخف من التجريب

الكاتب يُشدد على أهمية أن تجرب، حتى لو بدا الأمر بسيطًا.
ابدأ مشروعًا صغيرًا، غيّر أسلوبك في العمل، عدّل شيئًا في روتينك اليومي.

كما في مثال توماس إديسون الذي قال: “لم أفشل، بل اكتشفت 10,000 طريقة لا تعمل.

إنه الدرس الأهم: لا تجعل الخوف من الفشل يجمّدك. كل خطوة صغيرة نحو اكتشاف جديد، حتى لو لم تنجح، فهي تفتح لك بابًا لفكرة أخرى.

لا تنتظر الإلهام… اصنعه

يقول الكتاب إن المبدعين لا يجلسون بانتظار أن “تضربهم” شرارة الفكرة، بل يُنشئون عادات يومية تُولد الأفكار من التفاعل المستمر:

  • اقرأ من مجالات مختلفة
  • تحدث مع أشخاص من خلفيات متنوعة
  • دوّن أفكارك، حتى إن بدت غريبة
  • راقب كيف يفكر الناجحون
  • لا تكتفِ بالاستهلاك… حاول أن تُنتج شيئًا كل أسبوع

الخلاصة – القرار بيدك

في نهاية الكتاب، يوجّه المؤلف رسالة صريحة:

لست مضطرًا أن تكون أينشتاين أو ستيف جوبز لتبتكر. عليك فقط أن تؤمن بقدرتك على رؤية ما لا يراه الآخرون، ثم تتحرك لتصنع منه شيئًا.

المفتاح في يدك. لا تنتظر أن تتحسن الظروف أو تأتيك فكرة العمر، بل ابدأ بالسؤال، بالملاحظة، بالتجريب، بالتغيير… وستُفاجأ بما يمكنك أن تخلقه بيديك وعقلك.

“فمن لا يجرؤ على التجربة، لا يعرف طعم النجاح.” مثل عربي

Click to rate this post!
[Total: 0 Average: 0]